في لقاء خاص مع موقع بكرا، أكد الدكتور علي عبد الله الهيل، أستاذ العلوم السياسية والإعلام، أن ما يجري اليوم من تغيرات استراتيجية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ليس وليد السابع من أكتوبر 2023 فقط، بل إن جذوره تعود إلى عام 2014، حين أجبرت حركة حماس إسرائيل لأول مرة على الرضوخ لشروطها بعد حرب استمرت 50 يوماً.
وقال د. الهيل إن المحلل العسكري الإسرائيلي آفي إشكنازي أشار في تحليل مهم له، نُشر مؤخرًا، إلى أن الهزيمة الحقيقية لإسرائيل لم تكن في 7 أكتوبر 2023، وإنما قبل ذلك بتسع سنوات، تحديدًا في 26 أغسطس 2014.
"حرب 2014: بداية الهزيمة الاسرائيلية"
وتابع د. الهيل موضحًا أن حرب عام 2014 شكّلت منعطفًا حاسمًا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حيث انتهت بقبول إسرائيل بشروط حركة حماس، وهو ما لم يحدث منذ تأسيس الكيان في عام 1948.
وأشار إلى أن هذه الحرب، التي استمرت خمسين يومًا، كانت هزيمة استراتيجية ونفسية لإسرائيل، رغم تفوقها العسكري، لأنها خرجت منها دون تحقيق أهدافها، بل ووجدت نفسها مضطرة للرضوخ لما كانت ترفضه سابقًا.
وشدد على أن آفي إشكنازي ربط بوضوح بين تلك اللحظة المفصلية في 2014 وما جرى لاحقًا في 2023، موضحًا أن فشل إسرائيل في إدراك ما تمثّله تلك الهزيمة، قادها إلى وهمٍ استراتيجيٍ كبير.
"من الغرور إلى الغفلة: إسرائيل تستخف بالمقاومة"
وقال د. الهيل إن المحلل العسكري الإسرائيلي أشار إلى أن ما حدث بعد 2014 هو أن إسرائيل اغترّت بقوتها التكنولوجية والعسكرية، وبدأت تستخف بقدرات حركة حماس وكتائب القسام، معتبرة أنها غير قادرة على تحديها مجددًا.
وأضاف أن إسرائيل "غفلت عن حقيقة أن حماس كانت تُعيد ترتيب صفوفها، وتدخل مرحلة جديدة من التصنيع العسكري المحلي في ورش غزة، وتعمل في صمت في شبكة الأنفاق، التي أنجزت بنسبة تصل إلى 70% آنذاك".
وأكد أن هذه المرحلة لم تكن لتكتمل، لولا وجود حكومة وطنية منتخبة بقيادة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، رحمه الله، الذي – رغم فترة حكمه القصيرة – ساهم بدعم لوجستي وسياسي سمح للمقاومة بتحقيق إنجازات نوعية في تلك الفترة.
"7 أكتوبر 2023: استكمال الانتصار لا بدايته"
وفي حديثه لموقع بكرا، شدد د. الهيل على أن ما حدث في السابع من أكتوبر 2023 هو استكمال طبيعي لانتصار 2014، وليس مجرد حدث مفاجئ. وقال: "آفي إشكنازي يطرح سؤالًا مهمًا: كيف استطاعت حماس أن تهزم إسرائيل؟"
وأضاف: "هذا سؤال على الجميع، خاصة في العالم العربي، أن يطرحه بجدية. لأن هناك، وللأسف، من يشككون في جدوى ما جرى، سواء من حكومات أو من محللين ومفكرين معروفين، رغم أن السابع من أكتوبر غيّر قواعد اللعبة تمامًا، وقلب موازين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأوضح أن هذا الحدث أدى إلى أزمة داخلية غير مسبوقة في الكيان الإسرائيلي، تجلّت في الانقسام بين الشعب والحكومة، وبين الجنرالات والحكام، وبلغت حد التراجع في ثقة الشارع بالحكومة.
وقال إن "الاستطلاعات تشير إلى أن حوالي 70% من الجمهور الإسرائيلي يرفضون حكومة نتنياهو، ويرون فيها حكومة فاشلة يقودها متطرفون يشكلون خطرًا على مستقبل الكيان ذاته".
"إسرائيل هُزمت مرتين.. باعتراف محلل عسكري اسرائيلي"
وفي ختام اللقاء، لخص د. الهيل جوهر تحليل آفي إشكنازي بقوله: "إسرائيل هُزمت مرتين، الأولى في 26 أغسطس 2014، والثانية في 7 أكتوبر 2023".
وأكد أن هذا الكلام لا يصدر عن محلل فلسطيني أو عربي، بل عن محلل عسكري صهيوني، لا حبًا في الفلسطينيين أو العرب، ولكن لأنه ينطلق من قراءة واقعية وموضوعية للمعطيات على الأرض.
وقال د. الهيل: "علينا أن نقرأ هذا النوع من التحليلات بتمعّن، لأنها تعكس تحوّلاً حقيقيًا في ميزان القوة، ليس فقط عسكريًا، بل في وعي الطرف الآخر بما يواجهه من مقاومة لم تعد كما كانت".
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق