في تعقيب لافت وشديد اللهجة، حذّر المحامي والباحث في مجال العنف، رضا جابر، من خطورة القرار الذي اتخذته وزيرة "المساواة الاجتماعية" ماي غولان بوقف تحويل ميزانيات خطة الخمس سنوات للمجتمع العربي، واصفًا القرار بأنه "تلاعب رخيص في معاناة المجتمع العربي، يخدم أهدافًا سياسية تقوم على التحريض والإقصاء بدلًا من إيجاد حلول حقيقية للأزمات المستفحلة".

جابر، الذي يُعد من أبرز المتخصصين في تحليل علاقة الدولة بالمجتمع العربي من زاوية قانونية وأمنية، قال في حديثه لموقع "بكرا" إن وزيرة المساواة الاجتماعية، تمامًا كوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، "تسعى بكل قوتها لعرقلة أي توجه جدي لعلاج الأزمات التي يعاني منها المجتمع العربي، وعلى رأسها تفشي الجريمة والعنف". وأضاف: "هناك هنا استثمار سياسي في المعاناة. يتم استخدام الأزمات كأداة لإثارة الشارع وتقسيمه، بدلًا من تقديم حلول حقيقية تنقذ الأرواح وتخفف من الأعباء اليومية".

"ذرائع كاذبة وسياسات مقصودة"

وفي رده على تبرير غولان بأن تحويل الميزانيات مشروط بوجود "آلية رقابة"، شدد جابر على أن هذه الحجة "واهية وكاذبة، لأن إنشاء آلية رقابة أمر ممكن منذ تشكيل الحكومة، ولكن لم يتم العمل عليه لأن الرقابة ليست هي القضية. ما يهم الوزيرة هو تأجيل التمويل وإضعاف المجتمع العربي من خلال حجج إدارية ظاهرها تقني وباطنها سياسي وعنصري".

وأكد جابر أن ما يجري ليس مجرد إهمال إداري أو تقصير بيروقراطي، بل سياسة مدروسة تهدف إلى تأجيج الأوضاع، وقال: "نحن أمام مشروع سياسي يعمل على خلق مشاكل، يغذيها، وينتظر انفجارها ليستثمر فيها. هذه ليست إدارة أزمة، بل خلق أزمة للاستفادة منها سياسيًا. يريدون أن يروا صدامًا بين المواطنين العرب ومؤسسات الدولة، وبين العرب واليهود داخل المدن المختلطة".

"سياسة دفع إلى الحافة"

أشار جابر إلى أن هذه السياسات ليست عشوائية، بل تقوم على منهج واضح، وهو "دفع المجتمع العربي نحو الحافة"، مؤكدًا أن غولان لا تبحث عن حلول، بل عن مبررات لتأخير التمويل وإبقاء الوضع كما هو. "إنهم يصلّون من أجل الأزمات. ينتظرون أن تنفجر الأوضاع لكي يقولوا: هذا ما كنا نحذر منه. لكن في الحقيقة، هم من يصنعون الأسباب ويدفعون نحو الانفجار".

الجريمة ليست قضية محلية

وحذر جابر من أن تجاهل الدولة للأزمة لا يؤثر فقط على المجتمع العربي، بل يهدد المجتمع الإسرائيلي بأسره. "الجريمة لا دين لها ولا قومية، وهي تنتشر كعدوى. عندما يتم ترك الأحياء العربية فريسة للجريمة المنظمة، فإن هذه العصابات ستجد طريقها لاحقًا أيضًا إلى المدن اليهودية. نحن نرى اليوم مظاهر العنف والجريمة تمتد إلى الوسط اليهودي، وهذا جزء من الفشل العام في سياسات الأمن المجتمعي".

دعوة لوقف "لعبة الغميضة السياسية"

في ختام حديثه، دعا رضا جابر الحكومة إلى التوقف عما أسماه "لعبة الغميضة السياسية"، والمبادرة فورًا إلى معالجة المشكلات البنيوية للمجتمع العربي، وعلى رأسها أزمة العنف والموارد. وقال: "هذه قضية سياسات وميزانيات، وليست مجرد قضية جريمة. لا يمكن لأي مجتمع أن يتعافى أو يشعر بالانتماء إذا ما استمر التمييز ضده في توزيع الموارد".

وأنهى جابر كلامه بتحذير مباشر: "كلما طالت هذه السياسات الإقصائية، كلما تآكلت ثقة المواطن العربي بالدولة أكثر، وكلما أصبح الحل أصعب. هناك فرصة لإصلاح الضرر، ولكن الوقت ينفد".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com