في غرف الانتظار في العيادات الطبية، تجلس نساء في منتصف العمر، بعضهن يشعرن بإرهاق لا يُفسَّر، وأخريات يعانين من اضطرابات النوم، تغيرات المزاج، وآلام المفاصل التي أصبحت جزءًا من حياتهن اليومية. ومع ذلك، لا أحد يسألهن عن هذه الأعراض، وكأنها غير موجودة، رغم أنهن يمثلن شريحة واسعة من المجتمع.

معطيات صادمة 

كشف استطلاع جديد أجرته منظمة "مدونا - نساء من أجل الصحة"، بالتعاون مع صناديق المرضى، عن واقع صادم تعيشه النساء بين سن 45 و60 عامًا، حيث أظهرت البيانات أن 96% من النساء في هذه الفئة العمرية يعانين من أعراض مرتبطة بسن اليأس، مثل الإرهاق، زيادة الوزن، التعرق الليلي، الهبات الساخنة، واضطرابات النوم. لكن المفاجأة الكبرى كانت أن 71% من النساء أكدن أن الأطباء لم يسألوهن أبدًا عن هذه الأعراض، وكأن هذا التحول الجسدي والنفسي الحتمي ليس جزءًا من الطب الحديث.

تقول ملي كوشا، الباحثة الرئيسية في الاستطلاع، إن المعاناة اليومية لهؤلاء النساء لا تحظى بالاهتمام الكافي، على الرغم من تأثيرها المباشر على جودة الحياة والعمل والعلاقات الاجتماعية. وأضافت: "لدينا في إسرائيل 1.25 مليون امرأة في هذه المرحلة العمرية، ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن برنامج صحي وطني يهتم بهن بشكل ممنهج".

الاستطلاع، الذي شمل 3,000 امرأة، كشف أن 50% منهن يشعرن أن هذه المشكلة تؤثر عليهن في العمل، في الحياة الأسرية، وفي المجتمع. ومع ذلك، لم يطلب الأطباء في الغالب معلومات حول هذه الأعراض، ولم يتم تقديم علاجات مناسبة لمعظم الحالات. كما أن 53% من النساء اعترفن بأن المعلومات المتاحة لهن حول سن اليأس غير كافية، مما دفع الكثيرات للبحث عن إجابات في الإنترنت وبين الأصدقاء بدلاً من استشارة المختصين.

دون استشارة طبية 

المثير للقلق أيضًا أن نصف النساء تقريبًا لم يطلبن استشارة طبية على الإطلاق، إما لأنهن لم يعرفن إلى من يتوجهن، أو لأنهن شعرن بالخجل من الحديث عن الموضوع. أما اللواتي لجأن إلى الأطباء، فقد حصلت 57% منهن على علاج هرموني، بينما تلقت أخريات علاجات طبيعية أو من الطب البديل، ومع ذلك، 40% أكدن أن العلاجات لم تساعدهن على تخفيف الأعراض.

هذا الواقع الصعب دفع منظمة "مدونا" إلى عرض نتائج الاستطلاع على زوجة رئيس الدولة ميخال هرتسوغ، والمدير العام لوزارة الصحة موشيه بار سيمانتوف، حيث أعلن الأخير عن تشكيل فريق وطني لدراسة المشكلة والعمل على تحسين الرعاية الصحية للنساء في سن اليأس.

ولكن، هل سيكون هذا الفريق أكثر من مجرد لجنة بيروقراطية أخرى؟ هل ستشهد النساء أخيرًا اعترافًا رسميًا بمعاناتهن وحلاً عمليًا لهذه الفجوة الصحية؟ في الوقت الحالي، تظل الإجابة غير واضحة، لكن ما هو مؤكد أن النساء في إسرائيل يعانين في صمت، دون أن يراهن أحد، ودون أن يحصلن على الرعاية الطبية التي يحتجنها بشدة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com