قال محمد دراوشة، المحلل السياسي، في حديث لـ"بكرا" إن المؤتمر الطارئ الذي عقده الصحفيون والإعلاميون في إسرائيل دفاعًا عن حرية الإعلام يعكس إدراكًا متأخرًا لحجم الخطر الذي يهدد استقلال المنابر الإعلامية في ظل محاولات الدولة واليمين الفاشي السيطرة على الخطاب العام. لكنه يشير إلى أن هذا النقاش، على أهميته، يبقى منقوصًا ما دام المجتمع العربي خارج إطار الحماية التي يطالب بها الصحفيون لأنفسهم.
ازمة التمثيل في الإعلام العبري
ويؤكد دراوشة أن أزمة التمثيل العربي في الإعلام العبري لم تعد قابلة للتجاهل، إذ تُظهر المؤشرات أن نسبة ظهور العرب في الإعلام خلال عام 2023 لم تتجاوز 2.8%، ثم تراجعت في النصف الأول من 2024 إلى نحو 1.5% فقط، رغم أن العرب يشكلون نحو 21% من سكان الدولة. هذا التفاوت الكبير، كما يقول، يكشف عن فجوة بنيوية تجعل المواطن العربي حاضرًا في الشاشات بمعدل يقلّ بعشر مرات عن وزنه السكاني، وغالبًا في سياقات ضيقة أو سلبية لا تعكس واقع المجتمع ولا قضاياه. ويضيف أن الإعلام العبري يرفع شعار حرية التعبير، لكنه لا يتيح هذه الحرية نفسها للمجتمع العربي كي يعرض روايته ويقدم قضاياه للجمهور الأوسع.
غياب العرب عن الشاشات
ويرى دراوشة أن غياب العرب عن الشاشات ليس مجرد نتيجة إهمال مهني، بل جزء من سياسة تغييب متعمدة تُبقي المجتمع العربي في الهامش. فالعقلية السائدة، كما يوضح، ما زالت تتعامل مع العربي كطرف غير مركزي في "القصة الإسرائيلية"، الأمر الذي يجعل القنوات العبرية تفضّل تجنّب عرض قضاياه الحقيقية حتى لا تضطر الأغلبية اليهودية إلى مواجهة أسئلة صعبة حول المساواة والحقوق المدنية. ويشدّد على أن إبقاء العربي خارج المشهد يخدم سردية مهيمنة لا ترغب في أي رواية تُربك توازنها أو تُظهر واقعًا مختلفًا عمّا تبنيه لنفسها.
ويقول دراوشة إن من شاركوا في المؤتمر مطالبون بإثبات صدقيتهم في الدفاع عن حرية الإعلام من خلال خطوات عملية، تبدأ بفتح الشاشات أمام قصص المجتمع العربي، من نجاحات الشباب في مجالات التكنولوجيا والطب، إلى معاناة القرى غير المعترف بها، وصولًا إلى التحديات اليومية التي يعيشها المواطن العربي داخل الدولة. فحرية الإعلام، برأيه، لا تكتمل ما لم تشمل جميع المواطنين دون استثناء، وما لم يجد كل فرد نفسه ممثّلًا في الفضاء الإعلامي.
الإعلام العربي المحلي
ويختتم دراوشة حديثه بالتأكيد على أن الإعلام العربي المحلي، مثل "بكرا"، يتحمل مسؤولية مضاعفة. فمن جهة، عليه أن يكون صوت المجتمع العربي وأن يعرض قضاياه بوضوح وجرأة؛ ومن جهة أخرى، عليه أن يمارس ضغطًا مهنياً على الإعلام العبري كي يفتح المجال للرواية العربية. ويقول إن ما يطالب به ليس امتيازًا ولا منحة من أحد، بل حق طبيعي للمجتمع العربي بأن يكون جزءًا من المشهد الإعلامي في الدولة التي يعيش فيها.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق