بيروت – وسط تصاعد التوترات في الجنوب اللبناني، تشير المعطيات الواردة من مصادر أميركية مطلعة إلى أنّ إسرائيل لم تتخل عن خطتها للتصعيد العسكري، رغم تأجيله مؤقتًا بعد زيارة البابا فرنسيس، فيما يسعى لبنان الرسمي وحزب الله إلى موازنة الضغوط الدولية مع الواقع الميداني على الأرض.

مصادر لبنانية مطلعة أكدت أنّ خطوة الحكومة اللبنانية بتعيين السفير سيمون كرم في لجنة الميكانيزم جاءت ضمن محاولة لتقديم إشارات تعاون للمجتمع الدولي وامتصاص الضغط المتزايد، لكن هذه الخطوة أثارت جدلاً داخليًا، حيث يرى حزب الله أنها تنازل مجاني لا يُنتج أي مكسب ميداني أو سياسي ملموس، خصوصًا أن لجنة الميكانيزم لم تحقق أي من أهدافها منذ تشكيلها، سواء الانسحاب الإسرائيلي أو تبادل الأسرى أو وضع خريطة طريق لإعادة الإعمار أو وقف الخروقات اليومية.

سياسة إسرائيل: التفاوض تحت النار
من جانبها، تواصل إسرائيل الضربات الجوية رغم اتفاق وقف الأعمال العدائية، في إطار سياسة "التفاوض تحت النار"، والتي تهدف إلى فرض شروطها على خصومها، خصوصًا فيما يتعلق بنزع سلاح حزب الله، ودفع الدولة اللبنانية إلى المشاركة عبر الجيش في عمليات ميدانية داخل القرى. المصادر تؤكد أن الجيش اللبناني يرفض الانزلاق إلى هذا المسار خشية تكبد كلفة عالية أو مواجهات قد تكون خارج السيطرة.

موقف حزب الله:
يشدد حزب الله، وفق المصادر، على التزامه بالقرار 1701 وعدم استهداف المستوطنات أو التواجد شمال الليطاني، لكنه يحذر أن هذا الالتزام ليس مفتوحًا بلا حدود. في حال استمر العدوان الإسرائيلي، فقد يضطر الحزب إلى تعديل قواعد الاشتباك، مؤكدًا أن أمن المستوطنات مضمون فقط بقدر التزام إسرائيل بالتهدئة، وأن أي تجاوزات مستمرة قد تُعيد الأمور إلى مربع المواجهة.

ويضيف الحزب أنه لا ينوي النقاش حول سلاحه قبل تحقيق ثلاثة شروط رئيسية: الانسحاب الإسرائيلي الكامل، عودة الأسرى اللبنانيين، وإطلاق مسار إعادة الإعمار. بعد ذلك فقط يمكن التفكير في أي استراتيجية دفاعية مشتركة تضمن حماية الدولة والشعب.

القراءة الاستراتيجية:
المشهد الراهن يعكس سباقًا دبلوماسيًا صعبًا بين الحكومة اللبنانية التي تحاول شراء الوقت وضبط النزاع، وبين حزب الله الذي يلوّح بأن للصبر حدودًا. بينما يتقدم بعض المسؤولين اللبنانيين بخطوات تراها القوى الدولية واقعية، يعتبرها آخرون تنازلات أمام الضغط الخارجي دون أي مقابل من الجانب الإسرائيلي.

النتيجة، بحسب المصادر، هي ساحة لبنانية على مفترق طرق: إمّا حلول سياسية تحفظ السيادة وتوقف النزيف، أو انزلاق تدريجي نحو مواجهة أشمل قد يعيد خلط الأوراق بشكل يفوق قدرة أي طرف على السيطرة عليه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com