في مقابلة مع موقع "بـُكرا"، قدّم الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول قراءة أولية في دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف فوري للحرب الجارية، والتي اعتبرها خطوة مفصلية وضاغطة على الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو.

ترامب لم ينتظر نتنياهو وحاصر هامش المناورة
قال مخول إن ترامب لم ينتظر تفسير نتنياهو لقرار حركة حماس بشأن خطة ترامب، ولم يُتح له الفرصة لذلك. ووفقًا لمخول، يبدو أن رد ترامب كان منسّقًا مع أطراف عربية وإقليمية، وهو يتضمّن تفاوض الحركة على ملف الأسرى، وتسليم السلاح، والتنازل عن السلطة، دون أن يكون لها ضلع في باقي ملفات الخطة.

وأشار إلى أن هذا الموقف من ترامب فعليًا قد حاصر نتنياهو وهامش المناورة الذي يجيده عادة، وهو ما تؤكده التسريبات الإعلامية الإسرائيلية التي نقلت أن ترامب فرض على نتنياهو في واشنطن قبول الخطة علنًا، بخلاف قناعاته، مع السماح له بإدخال تعديلات محدودة لا تفي باحتياجاته السياسية.

ترامب يسبق الجميع ويغلق باب التعديلات
وأوضح مخول أن الموقف السريع لترامب يُظهر نيّته الواضحة في عدم السماح حتى للدول العربية بإدخال تعديلات على الخطة، في محاولة لإغلاق الباب أمام جميع الأطراف، ما يجعل الخطة نافذة بدعم إسرائيلي، فلسطيني، عربي ودولي، ويعزز بذلك الدور الأميركي في التسوية.

وأضاف أن ملف الأسرى، واستعداد الحركة لإطلاق سراحهم وإعادة الجثامين، هو أكثر الملفات حساسية بالنسبة لترامب، وللحراك الشعبي في إسرائيل، وللرأي العام الإسرائيلي، الذي أظهر تأييدًا للخطة بنسبة 66% مقابل 16% معارضين. وأردف مخول أن نتنياهو من جهته يرى أن عدم الانسحاب من غزة في المرحلة الثالثة من الخطة هو إنجازه السياسي الأهم، بعد استعادة المحتجزين.

التحول السريع في خطاب ترامب وتأثير الوسطاء
وأشار مخول إلى أن موقف ترامب شهد تحولًا جذريًا خلال أربع ساعات فقط، إذ انتقل من دعوته لسكان غزة بالجلاء وإلا سيواجهون "الجحيم كما لم يرَوه من قبل"، إلى دعوة إسرائيل لوقف الحرب فورًا، ما يعكس أن الموقف لم يكن منسّقًا مع نتنياهو، بل ربما يعاكسه تمامًا.

وأكد أن التطورات الأخيرة تُعتبر إنجازًا للوسطاء، لاسيما مصر، حيث أن بيان وزير الخارجية المصري في 2/10 كان حاسمًا وأخذ زمام المبادرة والتفاوض، وطالب ترامب بتوضيحات وسدّ الثغرات. ويرى مخول أن هذا البيان يؤكد أيضًا فاعلية ومصداقية الحاضنة العربية التي تقود اتجاهًا مزدوجًا: دعم القضية الفلسطينية من جهة، والعمل على نزع سلاح حماس ونقل السلطة في غزة من جهة أخرى، مقابل جميع الأطراف باستثناء حكومة إسرائيل، التي تراهن على تبدّل الموقف الأميركي.

ولفت مخول إلى أن إعلان حماس وتصريح ترامب ينقلان الكرة إلى ملعب الحكومة الإسرائيلية، التي لم تناقش الخطة رسميًا بعد. لكنه أشار إلى أن الخطة ستحظى بأغلبية داخل الحكومة إن طُرحت، وأن هناك شبكة أمان من المعارضة، واستعداد غانتس للدخول إلى الحكومة، بل وربما لبيد أيضًا إذا مارست الولايات المتحدة ضغطًا عليه، لتشكيل حكومة "إنهاء الحرب وتحديد موعد للانتخابات".

لا مبرر لنتنياهو بعد الآن
أوضح مخول أن تصريحات رئيس المعارضة يائير لبيد وأقطابها لا تترك مجالًا لنتنياهو للادّعاء بأنه يواجه ضغوطًا داخلية أو ائتلافية، بل إن موقف المعارضة هذه المرة يبدو حاسمًا وداعمًا لخطة ترامب، بخلاف مواقفها السابقة منذ بدء الحرب، بما في ذلك دعوتها نتنياهو للالتزام بالخطة والسير خلف القيادة الأميركية.

وختم مخول حديثه لموقع "بـُكرا" بالإشارة إلى أنه من غير المتوقع أن يصدر رد رسمي عن نتنياهو قبل مساء السبت، لأسباب دينية تتعلق بحرمة السبت. ومع ذلك، رجّح أن يشهد اليوم تكثيفًا غير مسبوق في القصف والتدمير بغزة، لكنه أكّد أن ذلك لن يغيّر من اتجاه التطورات. كما توقّع اضطرابًا سياسيًا كبيرًا في إسرائيل مساء السبت، لكنه سيكون في إطار الامتثال للموقف الأميركي.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com