بعد ما يقارب عامين من القصف والمعاناة المستمرة، يعيش سكان قطاع غزة حالة من الانتظار المليء بالقلق والأمل. حياتهم انقلبت رأسًا على عقب، آلاف فقدوا أحباءهم ومنازلهم، عشرات الآلاف قُتلوا، والجروح ما زالت مفتوحة في كل بيت. اليوم تتعلق أنظار الناس بما يعتبرونه الفرصة الأخيرة لإنهاء هذه الحرب الدامية، في وقت تجد فيه حركة حماس نفسها أمام خيار حاسم: القبول بالخطة الأميركية أو الاستمرار في المواجهة العسكرية.
في أحياء مدمرة لا تزال رائحة الغبار والبارود تملأ المكان، يعيش عامل البناء محمود بلبول مع أطفاله بين الركام. يقول بصوت مبحوح: "على حماس أن تقول نعم لهذا العرض. رأينا الجحيم بالفعل". شهادته تختصر ما يشعر به آلاف من سكان القطاع الذين يرون في المقترح الأميركي بصيص أمل، مهما كان صعبًا.
بنود تثير جدلا
الخطة التي قدمتها الإدارة الأميركية تتضمن وقفًا فوريًا لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين. لكنها تضع أيضًا شروطًا سياسية ثقيلة، أبرزها حظر نشاط حماس مستقبلًا، نزع سلاحها، وتشكيل حكومة انتقالية تحت إشراف دولي. هذه البنود تثير جدلًا واسعًا داخل الشارع الغزي، بين من يراها فرصة للنجاة وبين من يخشى أن تكون مدخلًا لمرحلة أشد قسوة.
نسايم مقاط وعبد الحليم عوض، مثل كثيرين غيرهم، يرون أن قبول الخطة ضرورة لإنهاء نزيف الدم والمعاناة. في المقابل، آخرون يشككون في نوايا الأطراف ويخشون أن استمرار حالة اللايقين ستبقي غزة ساحة مواجهة مفتوحة، رغم توقهم العميق إلى السلام. من خان يونس وصولًا إلى غزة المدينة، يتكرر مطلب واحد على ألسنة الناس: تدخل أميركي حاسم يفرض الاتفاق كأمر واقع قبل أن تضيع الفرصة.
دراسة الإتفاق
في هذه الأجواء المشبعة بالتوتر والترقب، تواصل حماس دراسة بنود الاتفاق. وبينما تتأخر الإجابة، يظل الناس أسرى الانتظار، يحملون في قلوبهم مزيجًا من خوف الأمهات ووجع الأطفال وحسرة الناجين. محمود بلبول، الذي أنهكته التجربة، يختتم حديثه بصرخة موجعة: "كفى، يكفي. لا نريد أكثر من أن نعيش بسلام، حتى لو كنا تحت الركام".
هذا الصوت ليس وحيدًا. هو صدى إنساني يخرج من غزة المدمرة، حيث صار الحلم الأكبر مجرد حياة عادية، بلا حرب، بلا قصف، بلا موت يومي.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق