قال المحلل السياسي، د. جمال زحالقة، أن الرئيس الأمريكي طرح الأسبوع الماضي، الخطوط العريضة لـ»خطة ترامب» – المنحازة لإسرائيل – على قيادات عربية وإسلامية، وذلك في الجلسة التي عقدها معها على هامش انعقاد جلسات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. لم تُنشر وقتها تفاصيل الخطة، لكن القادة المشاركين في اللقاء كالوا لها المديح، واعتبروها اختراقا مهما كفيلا بإنهاء حرب الإبادة في غزة. وعقدت كذلك سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين عرب وأمريكيين لصقل الخطة وتحسين شروطها. وبعد حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى الجمعية العمومية وإلقائه خطابا ناريا خاليا من أي تلميح إلى إمكانية إنهاء الحرب، التقى نتنياهو المسؤولَيْن الأمريكيين ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس، وجاريد كوشنير صهر الرئيس، لساعات طويلة، عُرضت خلالها التحفّظات الإسرائيلية على الخطّة.

وأضاف: "خلال نقاش الخطة مع مسؤولي الإدارة الأمريكية، دأب نتنياهو على زرع الألغام في محطّات عديدة في مسارها الافتراضي، واحتفظ لنفسه بأدوات التحكّم عن بعد وعن قرب، ليفجّرها حين يظن أن الفرصة مواتية، وأنها تخدم مصالحه وما يعتبره مصالح دولته".
 

واشار كذلك: "ثانيا، ما الجدول الزمني لانسحاب إسرائيل من غزة؟ ومتى سيكتمل الانسحاب الكامل؟ ثالثا، ما معنى نزع السلاح؟ فقد وافقت حماس على تسليم الأسلحة الهجومية والثقيلة، لكنها ترفض التخلي عن سلاح الدفاع عن النفس، وتعتبره حقا مشروعا، وكذلك تخشى حماس، في حال تسليم الأسلحة الفردية، أن يتعرّض أفرادها لمجازر من عصابات مسلحة مثل مجموعة «أبو شباب»، ناهيك من الاستهداف من إسرائيل، التي عادة ما لا تحترم الاتفاقات؛ رابعا، الفصائل الفلسطينية كلّها، بما فيها حماس، مستاءة من وصاية «مجلس السلام» برئاسة ترامب وعضوية بلير.. وهناك خامسا وسادسا وسابعا، وبنود الخطة جميعها بحاجة ـ كما ترى حماس للتوضيح وللتعديل وتستدعي التفاوض لصياغة تفاصيلها ومعانيها.

أخطر ما في خطّة ترامب ـ نتنياهو 

لعل أخطر ما في خطّة ترامب ـ نتنياهو هو ما يرافقها من تهديد لأهالي غزة بأنّه في حال رفضت حركة حماس الخطّة، فإن الولايات المتحدة ستزيد من دعمها لحرب الإبادة، والجيش الإسرائيلي سيقوم بتصعيد عملياته العسكرية الإجرامية ضد أهالي القطاع. وبالنسبة لنتنياهو فهو يسعى لتحقيق أهداف الحرب التي أعلنها، سواء بالقتال وارتكاب المجازر اليومية، أو بالطرق الدبلوماسية. ويمكن فهم تصريحه، في المؤتمر الصحافي المشترك مع ترامب، الإثنين الماضي، بأن «الخطة تلبي أهداف الحرب» على أنه «واثق» من قدرته ومن تعاون ترامب معه في ترجمة مضمون الخطة إلى لغة غايات الحرب التي التزم بها. وعليه فإن الصراع على معنى وعلى تأويلات الخطة هو سمة المرحلة الدبلوماسية والسياسية المقبلة.

المرحلة الحالية حساسة جدا وهي بحاجة إلى التعامل مع التطوّرات بواقعية وبحنكة، مع الالتزام بالمشروع الوطني وبالمصالح العليا للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها وقف نزيف غزة ورفع المعاناة عن أهلها. وللأسف العميق، لا توجد خطة مطروحة لإنهاء حرب الإبادة، سوى خطة ترامب – نتنياهو السيئة جدا جدا، والمأساة التي نواجهها هي أن تكلفة الرفض باهظة ولا يتحمّلها أهلنا في غزة، والقول الصحيح في هذا الظرف العصيب هو الرد عليها بـ«نعم ولكن..».

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com