في ظلّ الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، وما يتردد من تقارير عن موت الأطفال والشيوخ جوعًا بسبب الحصار، شدّد الشيخ رائد بدير، رئيس دار الإفتاء والبحوث الإسلامية في الداخل الفلسطيني – 48، على أن سياسة التجويع حتى الموت محرّمة شرعًا وأخلاقيًا في جميع الديانات السماوية والمواثيق الدولية، ولا يمكن تبريرها بأي ذريعة.
وفي حديث خاص لموقع "بكرا"، قال الشيخ بدير:"القتل بالتجويع أو الانتقام عبر سياسة التجويع حتى الموت هو نهج محرَّم في جميع الديانات السماوية دون استثناء، ومحرم كذلك في المواثيق والقوانين الدولية. هذا الأسلوب استخدمته حكومة قريش بقيادة أبو جهل في الجاهلية الأولى حين فرضت حصارًا على النبي محمد ﷺ وأصحابه في شِعب أبي طالب."
وأضاف: "لجأت قريش آنذاك إلى التجويع بعدما انهزمت محليًا وعالميًا، وأخفقت في تسويق روايتها الكاذبة، فلجأت إلى كتابة صحيفة الحصار وتعليقها في جوف الكعبة، لتأخذ بعدًا دينيًا مزيفًا، رغم أنها كانت تناقض القيم العربية الأصيلة في الكرم والنخوة. لكن قبائل من غير المسلمين انتفضت ضد هذا الحصار وكسرته."
زمن الجاهلية الثاني
وتابع الشيخ بدير قائلاً: "اليوم، في زمن الجاهلية الثانية، نرى تكرارًا لهذه الممارسات بل بشكل أشد وأقسى. نشهد في غزة موت الأطفال والشيوخ من الجوع، إذلال الناس من أجل لقمة العيش، وقتلهم بالتجويع، دون أن يتحرك ضمير عالمي جاد أو إرادة سياسية حقيقية لإنهاء هذه الكارثة."
وأشار إلى أن ما يجري اليوم أشد من ممارسات الجاهلية الأولى: "نحن نعيش جاهلية جديدة لا تقل قسوة عن جاهلية أبي جهل، بل هي أشد منها، إذ لم يظهر حتى الآن من يقف موقف هشام بن عمرو، أو المطعم بن عدي، لكسر هذه السياسات الوحشية، ووقف هذا العار الإنساني."
وختم بدير بالقول: "لا قانونًا، ولا شرعًا، ولا مواثيق، يمكن أن تُعطي شرعية لتجويع الناس حتى الموت. ما يحدث هو جريمة دينية وأخلاقية وإنسانية، وسيسقط كما سقطت صحيفة قريش، وسيسقط كل من أوجدها أو بررها."
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق