في مقال نُشر في صحيفة "هآرتس"، دعا الفائز بجائزة نوبل، البروفيسور أهارون تشيحنوفر، والمحامي يوسف أدرعي إلى تبني إستراتيجية سياسية جديدة تتيح الخروج من دوامة "فقط لا بيبي" (نتنياهو)، نحو واقع سياسي جديد يسمح بتشكيل حكومة تعالج قضايا جوهرية متعددة.
وأشار الكاتبان إلى أن "دمج العرب في السياسة" هو عنصر حاسم في هذه الرؤية، ويستحق التوضيح والتوسيع، لأنه المفتاح لمعالجة سائر القضايا المطروحة. فالعرب، هم بالفعل مندمجون في الحياة السياسية، لكن ما ينقص هو الشرعية والمطالبة الصريحة بإشراك الأحزاب العربية في الحكومة كأعضاء كاملين.
منذ حكومة رابين، نجح اليمين الإسرائيلي في التحريض ضد الحكومات المدعومة من الأحزاب العربية، وهو ما تكرر في حكومة التغيير التي ترأسها بينيت ولبيد، وقد يتكرر مجددًا إن لم يتم التعامل مع القضية بشكل صحيح. وناخبي اليمين يتخوفون من حكومة تكون فيها الأحزاب العربية عنصرًا حاسمًا، كما يخشى اليسار من حكومات تعتمد على أحزاب تمثل مجموعات اقلية مثيرة للجدل كالحريديم والمستوطنين.
المطالبة بدمج العرب في الحكومة قد يخرج السياسة الإسرائيلية من النموذج الثنائي المدمر – بين ائتلاف ومعارضة، جماهير حاكمة جماهير محكومة – نحو حكومة شراكة تُمكّن كل حزب وكل جمهور من أن يكون ممثلًا حول طاولة الحكم. في حكومة كهذه، لا يكون هناك حزب حاسم، بل دعم شامل من 120 عضو كنيست. ولا تُقام الحكومة وفق اتفاقات ائتلافية بل تُدار بمرونة، حيث تُتخذ القرارات بالتشاور بين الوزراء وأعضاء الكنيست، وليس عبر مفاوضات تشكيل الحكومة. ويُمنح الأعضاء حرية التصويت، ما يضعف من هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية.
ووفق الاقتراح، يتم تخصيص المناصب الحكومية والبرلمانية بنظام نقاط يعكس عدد المقاعد، وتُختار المناصب على شكل جولات بين الأحزاب المشاركة. أما الأحزاب التي تبقى خارج الحكومة، فتبقى المناصب مخصصة لها حال قررت لاحقًا الانضمام.
حكومة الشراكة قادرة على خلق خطاب جديد وتعاون ضروري ومسؤول بين جميع أطياف المجتمع. وعلى عكس من يعتقد أن هذه الحكومة ستؤدي إلى الشلل، فإنها ستوفّر غالبية مستقرة دون ابتزاز من قبل أحزاب صغيرة، حكومة الشراكة ستمنح تلك الأحزاب مساحة تأثير أكبر من وجودها في المعارضة، حيث يمكنها الدفع باتفاقات سياسية "خذ وهات" داخل عملية الحكم بدلًا من معارضة غير موضوعية كما شهدنا من المعارضة بقيادة نتنياهو في عهد حكومة التغيير.
حكومة الشراكة تمثل بديلًا أفضل من "حكومة وحدة يهودية" التي يروّج لها نفتالي بينيت، حيث تُقصى فيها الأصوات العربية ويُضعف اليسار، ويستغل كواجهة وانعكاس للحكومة اليمينة.
كما تحمل حكومة الشراكة قيمة إضافية: تمثيلها لكامل أطياف المجتمع يمنحها شرعية أقرب لهيئة تأسيسية بإمكانها سنّ دستور لإسرائيل، وهذا امر نحتاجه، خصوصًا في ظل تصاعد المسّ بحرية التعبير وأمن المجتمع العربي، والصراعات بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
إلى جانب ذلك، تستطيع حكومة شراكة أن تقود عمليات سلام جوهرية بدعم شعبي حقيقي، يمهّد لإنهاء الصراع الإقليمي الدموي.
إنّ إقامة حكومة شراكة تتطلب الذهاب إلى انتخابات جديدة، حيث أن الحكومة الحالية مقيّدة باتفاقات ائتلافية ومشوّهة بسبب تهربها من مسؤولية الحرب، ولا تعكس الإرادة الشعبية.
يجب على الجمهور الإسرائيلي أن يرى أفقًا جديدًا، لا يُعيدنا بعد كل انتخابات إلى نفس الصراع العقيم بين ائتلاف ومعارضة، بل نحو واقع يكون فيه الجميع شركاء حقيقيين.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق