قال المحلل السياسي د. يسري خيزران في حديث لموقع "بكرا" إنّ حكومة أحمد الشرع في سوريا تمارس ازدواجية في الخطاب السياسي والدبلوماسي، لا سيما في الخطاب الموجه إلى الغرب، حيث تُبدي الحكومة انفتاحاً ظاهرياً، بينما تمارس سياسات إقصائية على أرض الواقع.
وتابع د. خيزران: "اليوم، بثت وسائل الإعلام الرسمية السورية أن الرئيس أحمد الشرع التقى مع مسؤولي الأوقاف، ودعا إلى خطاب إسلامي وسطي. ولكن السؤال المطروح هنا: هل هذا الخطاب الوسطي يتجلى في الواقع في المجازر التي ارتُكبت في منطقة الساحل، أو في الانتهاكات الخطيرة التي وقعت في أشرفية صحنايا وصحنايا؟"
وأضاف: "السياسة المتبعة حالياً تقوم على الانفراد والإقصاء والتهميش لكل من هو خارج التيار الجهادي التكفيري. على سبيل المثال، تم تعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتياً عاماً للجمهورية، ورفض إصدار فتوى تحرم قتل العلويين، رغم طلب واضح من الأستاذ رامي عبد الرحمن".
وأوضح د. خيزران أن تشكيل الجيش تم من عناصر جهادية، بقيادة جهاديين، مع استثناء واضح لكل الضباط المنشقين عن النظام، بل إن بعض القيادات العسكرية في هذا الجيش من جنسيات غير سورية. كذلك، تم تشكيل حكومة تضم أربعة أشخاص فقط كممثلين صوريين لمكونات الشعب السوري من العلويين والمسيحيين والدروز، بينما تم إسناد الوزارات السيادية إلى شخصيات من جماعات أحمد الشرع.
وشدد خيزران على أن "الخطاب الموجه للخارج، خصوصاً نحو الغرب، يهدف إلى رفع العقوبات عن سوريا وتثبيت أقدام النظام، في حين أن الواقع يقول إن النظام هو من نصب نفسه رئيساً للجمهورية ورئيساً للحكومة لفترة انتقالية تمتد لخمس سنوات".
وحول الوضع الميداني، قال: "هناك خوف حقيقي لدى الطائفة الدرزية من وصول الجهاديين إلى السلطة. ما حدث في أشرفية صحنايا يبرر هذا الخوف، خاصة بعد تشييع أحد قتلى الأمن العام وسط المدينة بشعارات طائفية استفزازية لسكانها الدروز".
وأكد أن "الدروز ليسوا في موضع مساءلة. من يجب أن يُساءل هي حكومة ترسل أجهزتها الأمنية لقتل المدنيين وتتجاهل التركيبة الاجتماعية والدينية للشعب السوري، ما يعمّق الفجوة بين المجتمع الدرزي وهذه الحكومة".
خوف الدروز يتقاطع مع مصالح إسرائيل
وأشار خيزران إلى أن "هذا الخوف لدى الدروز يتقاطع مع المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية. إسرائيل أعلنت صراحة أنها لن تسمح بوجود عسكري للنظام السوري أو لأي تنظيمات جهادية في جنوب سوريا، حيث تتواجد الطائفة الدرزية".
وأردف: "الدروز في سوريا ليسوا أدوات بيد إسرائيل ولا يحتاجون إلى تبرير مواقفهم. تاريخهم النضالي منذ الثورة السورية الكبرى عام 1925، مروراً بدورهم في زمن الوحدة وحكم البعث، يجعلهم في موقع وطني لا يُساءل".
وأكد أن "ما يجب أن يُساءل هي الحكومة التي تستند في سياساتها إلى فتاوى جهادية تعود إلى القرن الثالث عشر، وتستهدف مكونات من الشعب السوري".
قلق في صفوف دروز إسرائيل
وتحدث د. خيزران عن حالة القلق في صفوف دروز إسرائيل قائلاً: "القيادة الروحية للدروز في إسرائيل، ممثلة بالشيخ أبو حسن موفق طريف، تبذل جهوداً لحماية أبناء الطائفة، في ظل شعور حقيقي بخطر وجودي يهدد كيان هذه المجموعة التي حافظت على وجودها لأكثر من ألف عام، وهي جزء لا يتجزأ من نسيج هذه المنطقة".
تركيا وإسرائيل على مسار تصادمي
وفيما يتعلق بالدور التركي، قال خيزران: "تركيا باتت الحامية والداعمة الرئيسية لنظام الشرع، وهناك تصادم استراتيجي يلوح في الأفق بينها وبين إسرائيل. فبينما تسعى تركيا لتثبيت هذا النظام، تخشى إسرائيل من تمدد النفوذ التركي في سوريا".
واختتم قائلاً: "قد يكون سقوط نظام الأسد إضعافاً لمحور إيران، لكن في الوقت ذاته، فإن هذا السقوط قد يعيد رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة، ويجبر إسرائيل على التعامل مع تغلغل تركي متزايد في سوريا".
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق