خاطرة
بقلم معين ابوعبيد شفاعمرو

حين تقرأني ذات مساء
في زحمة الحياة الصّاخبة، تبتلع الدّقائق بين صفحات الرّوتين وصخب المعمورة، تبقى الذّاكرة المُتمرّدة شمعة مضيئة في عتمة النّسيان، انّها ليست مُجرّد سجل لليالي الفائتة، بل حقل نزرع فيه كل أنواع بذور التّجارب، نقطف منها عِبرًا تُضيء دروبنا.


يا صغيري، حين تكبر وتقرأ هذه الكلمات، تذكّر أنّ قلب جدّك كان يكتبك قبل أن يعرف ملامحك، قبل أن تمشي في هذا العالم كنت تسكن حبره وذكرياته، كنت الحلم الذي لا ينطفئ في ليلة شبه متمردّة، صمتها رهيب والقمر فيها حارس غريب، النّجوم تهمس في عيون السّماء، كنت في قمّة انسجامي أصغي لصوت اللّيل في أحلام اليقظة، أراقب الفكر كأنه وتر يشد، أحاول ان تكون اعصابي الثّائرة هادئة.


أحس انفجارات ونبضي يخفق بين جدران مكتبي مُحاولا التحرُّر من كل القيود، والتّحليق في سماء الأمل، أطلق عصافيري الأسيرة وأشعل شموعً واحة صدري الموجوع.


أسطر مقالتي او خاطرتي الأسبوعية التي ينتظرها محرر صحيفة الحديث الورقي، فحالة الكتابة عندي حالة غرق، أعلق فيها الحرف وأرسمه نبضًا لله كما دلّ حفيدي المولود الجّديد دان أهدهد بين سطور الشّوق، البسه من الكلمات الدّفينة ووحوش بهيئة بشر تختبئ خلف الأقنعة كيف لا؟ وهو النّبض وفي صمتي القصيد. اكتب اليك الآن، وانا اعلم أنّ الحياة أمامك طويلة، ستواجه ما واجهنا، فاحمل كلماتي كملجأ، كخيمة شعريّة تأويك حين تشتد الرّياح.


آه كم اعشق هذه اللّحظة، لحظه نزول الحرف من قلبي وكأنني افك رموز معادلة مركبة وأحرّر ما خفي في عمق دهري، تأخذني ذاكرتي الى ما سطر قلمي الى موقف مُوجع. حاولت أن اخبّئ بين سطوري وهي هذا الموقف أرسمه نبضًا، اتوقّف عند المحطة الأخيرة مُؤمنًا انها ليست النهاية، بل ولادة الصّمت من رحم الضّياع وسكون الرّواية بعد العاصفة. فيا نبضي القادم من بعيد، لا تكن مجرّد سطر في روايتي، بل كن الفصل الأجمل النّابض بالحياة، وليكن اسمك عنوانًا جديدًا لبداية لا تعرف النّهاية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com